فتراه صريحا بأن التحريم لم يكن بناسخ شرعي وإنما كان بنهي الخليفة الثاني، ومحال أن يكون ثمة ناسخ فيجهلونه، وهم من علمت منزلتهم من رسول الله وملازمتهم له (ص) وحرصهم على أخذ العلم منه.
على أنه لو كان هناك ناسخ لنبههم إليه بعض المطلعين عليه، وحيث لم يعارضهم أحد من الصحابة فيما كانوا ينسبونه من التحريم إلى عمر علمنا أنهم أجمع معترفون بذلك، مقرون بأن لا ناسخ من الله تعالى، ولا من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كما لا يخفى.
على أن عمر نفسه لم يدع النسخ كما ستسمع من كلامه الصريح في إسناد التحريم والنهي إلى نفسه، ولو كان هناك ناسخ لا سند التحريم إلى الله تعالى أو إلى الرسول (ص) فإن ذلك أبلغ في الزجر وأولى بالذكر.
ومن غرائب الأمور دعواهم النسخ بقوله تعالى: " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " بزعم أنها ليست بزوجة ولا ملك يمين. قالوا: أما كونها ليست بملك يمين فمسلم، وأما كونها ليست بزوجة فلأنها لا نفقة ولا إرث ولا ليلة، والجواب أنها زوجة شرعية بعقد نكاح شرعي، أما عدم النفقة والإرث والليلة فإنما هو بأدلة خاصة تخصص العمومات الواردة في أحكام الزوجات، كما بيناه فيما علقناه على صفحة 54 من هذه الفصول. على أن هذه الآية مكية نزلت قبل الهجرة بالاتفاق، فلا يمكن أن تكون ناسخة لا باحة المتعة المشروعة في المدينة بعد الهجرة بالاجماع.
ومن عجيب أمر هؤلاء المتكلفين أن يقولوا بأن آية (المؤمنون) ناسخة للمتعة، إذ ليست بزوجة ولا ملك يمين، فإذا قلنا لهم ولم لا تكون ناسخة لنكاح الإماء المملوكات لغير الناكح، وهن لسن بزوجات للناكح ولا ملك يمين له،