الفصول المهمة في تأليف الأمة - السيد شرف الدين - الصفحة ٦٦
فآتوهن أجورهن " حتى أن كلا من أبي بن كعبوابن عباس (2) وسعيد ابن جبير والسدي وغيرهم كانوا يقرؤنها: " فما استمتعتم به منهن إلى أجل
(٢) أرسل الزمخشري في كشافه هذه القراءة عن ابن عباس إرسال المسلمات، والرازي ذكر في تفسير الآية أنه روى عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ " فما استمعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن ". قال:
وهذا هو أيضا قراءة ابن عباس. قال: والأمة ما أنكروا عليهما في هذه القراءة. قال: فكان ذلك إجماعا من الأمة على صحة هذه القراءة - هذا كلامه بلفظه فراجعه في صفحة ٢٠١ من الجزء ٣ من تفسيره الكبير.
ونقل القاضي عياض عن المازري (كما في أول باب نكاح المتعة من شرح صحيح مسلم للفاضل النووي) إن ابن مسعود قرأ " فما استمتعتم به منهن إلى أجل " والأخبار في ذلك كثيرة. وصرح عمران بن حصين الصحابي بنزول هذه الآية في المتعة وأنها لم تنسخ حتى قال رجل فيها براية ما شاء.
ونص على نزول الآية في المتعة مجاهد أيضا فيما أخرجه عنه الطبري في تفسيره بإسناده إليه. فراجع صفحة ٩ من الجزء ٥ من تفسيره؟ الكبير.
ويشهد لنزولها في ذلك بالخصوص أن الله سبحانه قد أبان في أوائل السورة حكم نكاح الدائم بقوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " إلى أن قال: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " فلو كانت هذه الآية في بيان الدائم أيضا للزم تكرار ذلك في سورة واحدة، أما إذا كانت لبيان المتعة المشروعة بالاجماع فإنها تكون لبيان معنى جديد.
وأهل النظر ممن تدبر القرآن الحكيم يعلمون أن السورة قد اشتملت على بيان الأنكحة الإسلامية كلها، فالدائم وملك اليمين تبينا بقوله تعالى:
" فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ".
والمتعة مبينة بآيتها هذه " فما استمتعتم به منهن " ونكاح الإماء مبين بقوله تعالى: " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات " إلى أن قال: " وآتوهن أجورهن بالمعروف ".