فهل يحسن من الأمة المسلمة بعد هذا أن تجري إلا على أسلوبهم، وهل يتسنى لمسلم يؤمن بالله ورسوله أن يستن بغير سنتهم، فكيف يعدهم ابن خلدون في أهل البدع بكل صراحة ووقاحة من غير خجل ولا وجل.
أبهذا أمرته آية القربى وآية التطهير وآيتا أولي الأمر والاعتصام بحبل الله، أم بهذا أمره سبحانه حيث يقول " وكونوا مع الصادقين " أم به صدع رسول الله (ص) في نصوصه المجمع على صحتها؟ وقد استقصيناها بطرقها وأسانيدها في كتابنا سبيل المؤمنين، واستقصتها علماؤنا الأعلام في مؤلفاتهم فراجعها لتعلم حقيقة أهل البيت ومنزلتهم في دين الإسلام.
على أنهم لا ذنب لهم يستوجب الجفاء، ولا قصور بهم يقتضي هذا الإعراض، فليت أهل المذاهب الأربعة نقلوا في مقام الاختلاف مذهب أهل البيت كما ينقلون سائر المذاهب التي لا يعلمون بها، ما رأيناهم يعاملون أهل البيت هذه المعاملة في عصر من الأعصار، وإنما يعاملونهم معاملة من لم يخلقه الله عز وجل، أو من لم يؤثر عنه شئ من العلم والحكمة.
نعم ربما تعرضوا لشيعتهم فنبزوهم بالرفض، وسلقوهم بألسنة الافتراء كما سمعت في الفصول السابقة - وقد ولى زمن الاعتداء وأقبل عصر الإخاء وآن لجميع المسلمين أن يدخلوا مدينة العلم النبوي من بابها ويلجوا من باب حطة ويلجأوا إلى أمان أهل الأرض بركوب سفينتهم ومقاربة شيعتهم، فقد زال سوء التفاهم من البين، وأسفر الصبح عن توثق الروابط بين الطائفتين، والحمد لله رب العالمين.