الإسلام، فهم معذورون بل مأجورون إن أصابوا بذلك وإن أخطأوا بالإجماع.
قال ابن حزم حيث تكلم فيمن يكفر ولا يكفر في صفحة 247 من الجزء الثالث من فصله ما هذا نصه: وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا، وإن كل من اجتهد في شئ من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال، إن أصاب فأجران وإن أخطأ فأجر واحد.
قال: وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداوود ابن علي، وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة (رض) لا نعلم منهم خلافا في ذلك أصلا.
قلت: إجماع الصحابة وهؤلاء الأئمة يقطع دابر المشاغبين وينقض أساس المجازفين، ضروة أن القائلين بخلافة علي والمنكرين لغيره لم يقولوا هذا القول ولم يعتقدوا هذا الأمر إلا بعد الاجتهاد التام واستفراغ الوسع والطاقة وبذل الجهد في الاستنباط من الكتاب والسنة، ولقد عز عليهم فراق إخوانهم من أهل السنة في هذه المسألة، وقاسوا في سبيلها من أنواع البلايا وأقسام المحن والرزايا ما قد علمه جميع الناس، ولكن ما يصنعون فيما يرونه الحق ويقطعون بأنه عين الصواب، وقد صرح بمعذرتهم وكونهم مأجورين جماعة من أفاضل المعاصرين كالعلامة القاسمي الدمشقي حيث قال في ميزان الجرح والتعديل بعد ذكر الشيعة واحتجاج مسلم بهم في صحيحه ما هذا لفظه: لأن مجتهدي كل فرقة من فرق الإسلام مأجورون أصابوا أم أخطأوا بنص الحديث النبوي ا ه.
قلت: ومن راجع هذه الرسالة الفصل المشتمل على فتاوى علماء السنة يجدهم مجمعين على ذلك، ومن سبر فصل المتأولين لا يرتاب فيه والحمد لله رب العالمين.