أحد، فانكشف الكفار حينئذ عن المسلمين هاربين على غير انتظام ودخل المسلمون عسكرهم ينهبون ما تركوه من أسلحة وأمتعة وذخائر ومؤن فلما نظر الرماة إلى المسلمين وقد أكبوا على الغنائم دفعهم الطمع في النهب إلى مفارقة محلهم (35) الذي أمروا أن لا يفارقوه فنهاهم أميرهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه فلم ينتهوا وقالوا: ما مقامنا ها هنا وقد انهزم المشركون. فقال عبد الله (36) والله لا أجاوز أمر رسول الله (ص) وثبت مكانه مع أقل من عشرة فنظر خالد ابن الوليد المخزومي إلى قلة من في الجبل من الرماة فكر بالخيل عليهم (37) ومعه عكرمة بن أبي جهل، فقتلوهم ومثلوا بعبد الله بن جبير فأخرجوا حشوة بطنه وهجموا على المسلمين وهم غافلون وتنادوا بشعارهم يا للعزى يا لهبل، ووضعوا السيوف في المسلمين وهم آمنون فكان البلاء، وقتل حمزة سيد الشهداء وسبعون من صناديد المهاجرين والأنصار، وأصيب النبي بأبي هو وأمي بجروح يقرح القلوب ذكرها ويهيج الأحزان بيانها، فجزاه الله عنا خيرا ما جزى نبيا عن أمته، وإنما كان هذا البلاء كله بعدهم بأوامره ونواهيه المقدسة عفا الله تعالى عنهم ولهم ثمة واقعة ثانية قدموا فيها رأيهم أيضا، وهي أعظم من الأولى، وذلك أنه لما اشتد البلاء بهجوم خالد على المسلمين تركوا سيد الأنبياء بين أولئك الأعداء، وأسلموه لأحقادهم البدرية وضغائنهم الكفرية، وفروا مصعدين لا يلوون على أحد والرسول يدعوهم في أخراهم فلا يلبونه كما حكاه الله عز وجل حيث
(١١٦)