الجن والملائكة، المضاهية في الصورة للأبدان الأصلية، فينعم ويعذب فيها، ولا يبعد أن يصل إليه الآلام ببعض ما يقع على الأبدان الأصلية لسبق تعلقه بها، وبذلك يستقيم جميع ما ورد في ثواب القبر وعذابه واتساع القبر وضيقه، وحركة الروح وطيرانه في الهواء وزيارته لأهله، ورؤية الأئمة عليهم السلام بأشكالهم، ومشاهدة أعدائهم معذبين وساير ما ورد في أمثال ذلك مما مرو سيأتي، فالمراد بالقبر في أكثر الأخبار ما يكون الروح فيه في عالم البرزخ - إلى آخر ما ذكره) (1).
وفي كلامه رحمه الله مواقع للنظر، سيما في الفرق بين الأجساد الأصلية والأجساد المثالية على مذهبه، نعم وفقه في كون المنعم أو المعذب هو الأجساد المثالية شيخنا المفيد رحمه الله في المقالات حيث قال: (القول في تنعيم أصحاب القبور وتعذيبهم، أقول: إن الله تعالى يجعل لهم أجساما كأجسامهم في دار الدنيا، ينعم مؤمنيهم (2) فيها ويعذب كفارهم فيها وفساقهم (فيها)، دون أجسامهم التي في القبور يشاهدها الناظرون... في غير أماكنهم من القبور - انتهى) (3).
أقول: ولكنه رحمه الله خالف نفسه في شرح عقايد الصدوق، قال:
(وقد اختلف أصحابنا فيمن ينعم (ويعذب) بعد موته، فقال بعضهم: المنعم والمعذب هو الروح الذي (4) توجه إليه الأمر والنهي والتكليف (و) سموها جوهرا، وقال آخرون: بل الروح الحياة جعلت في جسد كجسده في دار الدنيا، وكلا الأمرين يجوزان في العقل، والأظهر عندي قول من قال:
إنها الجوهر المخاطب وهو الذي يسميه الفلاسفة البسيط) (5)، ثم ذكر أن للأئمة والأنبياء عليهم السلام أجسادا مثالية (6)، مع أنه رحمه الله قال في آخر كلامه في