المدينة وفرق أصحابه وبقي وحده فدخل داره واحترق الدفتر الذي فيه أسماء من بايعه، ثم خرج فقاتل حتى قتل بأحجار الزيت - موضع داخل المدينة - في رجب أو رمضان السنة التي قتل أبوه، وعمره خمسة وأربعين سنة، ولقب بعد الشهادة بالنفس الزكية، لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (يقتل بأحجار الزيت رجل من ولدي نفس زكية).
وأما إبراهيم فكان في اليوم الموعود مريضا ثم خرج في غرة رمضان السنة المذكورة، وتلقب بأمير المؤمنين، وبايعه وجوه الناس وعظم شأنه وارتضوا الناس سيرته، وأفتى أبو حنيفة بالخروج معه وبعث إليه أربعة آلاف درهم، واعتذر لخروجه معه بأن عنده أمانات الناس، وأرسل المنصور لقتاله عيسى بن موسى، فهرب إبراهيم فالتقيا بباخمرى - قرية قريبة من الكوفة -، فشبت الحرب بينهم فانهزم أصحاب عيسى، فنادى إبراهيم: لا يتبعن أحد منهزما، فعاد أصحابه، فظن أصحاب عيسى أنهم انهزموا، فكروا عليهم فقتلوه، وهو ابن ثمان وأربعين سنة، في ذي الحجة السنة المذكورة (1).
وثالثها: المقتول بظهر الكوفة، كما سيأتي.
قوله: يا ويح لسبايا نساء من كوفان - الخ.
إشارة إلى ما يصدر من جيش السفياني الذي يبعثه إلى العراق، وفي مشارق الحافظ البرسي في خبر سطيح الكاهن: (فيخرج رجل من ولد صخر، فيبدل الرايات السود بالحمر، فيبح المحرمات، ويترك النساء بالثدايا معلقات، وهو صاحب نهب الكوفة، فرب بيضاء الشاق مكشوفة، على الطريق مردوفة، بها الخيل محفوفة، (قد) قتل زوجها، وكثر عجزها، واستحل فرجها - الخبر) (2).
وقد مر إن السفياني بعد خروجه يبعث جيشا إلى الحجاز وجيشا إلى العراق: