أخرى: " روحي " (1) وهي تدل على أن المراد بالنور في الرواية الأولى، وهو هذا المجرد القائم بذاته المعبر عنه بالروح، وكذلك يدل عليه ما ورد في رواية أخرى:
" أول ما خلق الله العقل " (2). وفي الأخرى: " القلم " (3) فإن المراد بها كلها شئ واحد وهو نفس النبي (صلى الله عليه وآله)، سميت عقلا ونورا وروحا وقلما بالاعتبارات المختلفة، فمن حيث أنها تدرك الأشياء كما هي سميت عقلا، ومن حيث أنها يهتدى بها سميت نورا، ومن حيث أنها باعث حياة الخلق بالمعرفة والعبادة سميت روحا، ومن حيث أنها مظهر الحقائق والدقائق سميت قلما.
ومنه ما في خبر آخر: " كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام " (4) وفي آخر: " قال الله تبارك وتعالى: يا محمد، إني خلقتك وعليا نورا - يعني: روحا بلا بدن - قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري، فلم يزل يهللني ويمجدني " هكذا جاء مفسرا في كتاب المناقب لابن المغازلي الشافعي (5) وكتاب فردوس الأخبار (6) لابن أبي ليلى، وفي الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني بإسناده إلى أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) (7).
ولما كان واجب الوجود تعالى شأنه العزيز في أعلى مراتب التجرد كان نور الأنوار، بل جميع الأنوار شعل من نوره، فالمراد - والله تعالى يعلم - أن ربي تبارك وتعالى مجرد ليس له مكان من أين أراه، والرؤية مسبوقة بكون المرئي في مكان أو جهة مقابلا ومسامتا للرائي. فحاصل الجواب يؤول إلى الشكل الأول هكذا:
ربي مجرد، وكل مجرد لا يرى بالبصر، وإنما حذف موضوع الأولى لدلالة السؤال عليه. وأما الثانية فأقيم ما يفيد مفادها مقامها، فلا حاجة إلى تكلف تقدير المضاف والمضاف إليه، مع دلالة الكلام عليه كما يلزم ذلك مما فهمه منه بعض