استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، منها حديث من انقطع ظفره وجعل عليه مرارة كيف يصنع بالوضوء؟ فقال (عليه السلام): " تعرف هذا وأشباهه من كتاب الله * (ما جعل عليكم في الدين من حرج) * (1) " (2).
وفيه أيضا دلالة على جواز العمل بالظواهر القرآنية، ونحن قد فصلنا الكلام فيه وما فيه في أوائل تعليقاتنا على الآيات الأحكامية المنسوبة إلى الحضرة العالمية العاملية مولانا أحمد الأردبيلي عامله الله بلطفه الجلي، فليطلب من هناك.
والمرارة في الأصل هي التي تجمع المرة الصفراء معلقة مع الكبد كالكيس فيها ماء أخضر، والمراد بها هنا الكيس ونحوه مما ينجبر به المكسور أو المقطوع.
فدل الخبر الذي نحن فيه وغيره مما سبق على أن الإمام (عليه السلام) إذا كان غائبا عن شيعته فلهم أن يتفقهوا في الدين بالنظر فيما روي عنه ثم يحكموا بين المسلمين بما فهموا منه، بشرط أن يكون الحاكم فيهم: على صفاء في سريرته، وطهارة في علانيته، وإخلاص في عمله ونيته، وجودة في قريحته، ودقة في بصيرته، وأن يكون له في حكمه في كل حال برهان وحجة من الله وإذن ورخصة منه، فمن ليس له ذلك فلا يجوز له الرئاسة في الدين والحكم والافتاء في المسلمين.
وعلى هذا الخبر إنما يكون حجة للحاكم إذا حصل له منه ظن غالب على حكم يحكم به وإلا فهو جاهل به، والفتوى إنما هي من وظائف العالم به، ولذا لا عذر له في جهله بل هو مأخوذ به ومأثوم بحكمه.
ويستفاد منه أيضا أن الناس في هذا الزمان وهو زمان الغيبة والحيرة صنفان:
مجتهد ويجب عليه الاتصاف بما نطق به الخبر، ومقلد ويجب عليه السعي إلى معرفة يصير بالتفقه والنظر، ليأخذ عنه ما عن الإمام رواه بعد معرفته بمعناه، لقوله (عليه السلام): " وعرف أحكامنا " بعد أن قال: " قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا " فجعل معرفة الأحكام والنظر في الحلال والحرام شرطا في جواز