فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، وكان يقول: لا والله ما أهجر ولكن سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إنك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه اسمي وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول.
قال: فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ هو في طريق في ذلك الطريق كتاب فيه محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل، فأقبل، ثم قال: أدبر، فأدبر، فقال: شمائل رسول الله والذي نفس جابر بيده، يا غلام ما اسمك؟ فقال: اسمي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأقبل عليه فقبل رأسه، وقال: بأبي وأمي رسول الله يقرؤك السلام ويقول لك...
فرجع محمد بن علي إلى أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) وهو ذعر فأخبره الخبر، فقال له: يا بني قد فعلها جابر؟ قال: نعم، قال: يا بني ألزم بيتك، فكان جابر يأتيه طرفي النهار، وكان أهل المدينة يقولون: وا عجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال: فلم يلبث أن مضى علي بن الحسين، وكان محمد بن علي (عليهما السلام) يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: فجلس فحدثهم عن أبيه، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا، قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: فقال أهل المدينة، ما رأينا أحدا أكذب من ذا يحدث عمن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله فصدقوه، وكان جابر والله يأتيه يتعلم منه " (1).
أقول: قال في الاستيعاب: يقال: إن عامر بن واثلة كان آخر من مات ممن رأى النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد روى عنه (صلى الله عليه وآله) نحو أربعة أحاديث، ويقال: إنه أدرك من حياة النبي ثمان سنين، وكان مولده عام أحد (2).
وفي مختصر الذهبي: كان أبو الطفيل من محبي علي (عليه السلام)، وبه ختم الصحابة