في أبي ذر: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء الحديث؟ قال: بلى، قال: قلت:
فأين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)؟ وأين الحسنين (عليهما السلام)؟ قال: فقال لي: كم السنة شهرا؟ قال: قلت: اثنا عشر شهرا، قال كم منها حرم؟ فقلت: أربعة أشهر، قال:
شهر رمضان منها؟ قال: قلت: لا، قال: إن في شهر رمضان ليلة أفضل من ألف شهر، إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد " (1).
ويمكن أن يقال: إنه لما كان متناهيا في الصدق، ولم يصدر منه مدة عمره الشريف أو بعد وصوله إلى زمن التكليف أو إلى خدمة الرسول (صلى الله عليه وآله) في مجلسه المنيف - إذ الإسلام يجب ما قبله - كذب أصلا، ولو فرض صدوره عنه فليحمل بقرينة الحديث على التعريض وفيه لمندوحة عنه، فهو وغيره من المعصومين في تلك الصفة والفضيلة شرع سواء، ولا محذور فيه، وهذا ألصق بعبارة الحديث، لأن نفي الأصدقية عن غيره مقيسا إليه يستلزم: إما المساواة بينهما كما بينه وبين المعصومين، وحديث عدم التناسب غير آت هنا لأن مساواته لهم فيها غاية المدح له، وإما أصدقيته من غيره وذلك كما بينه وبين غير المعصومين.
واعلم أن الأصوليين اختلفوا في أنه عند ذكر صيغة العموم في مقام المدح أو الذم إذا كان العموم دخيلا فيهما، فهل المتبادر منه الحمل على أن ذلك بيان الواقع أو مبالغة وقعت لتحصيل المدح أو الذم كما هو الغالب؟ فذهب بعضهم إلى الأول، وآخرون إلى الثاني وهو الظاهر فيما نحن بصدده، كما سبق إليه الإيماء.
فإن قلت: العصمة لا تستلزم عدم صدور الكذب عن المعصوم (عليه السلام)، كيف وإبراهيم خليل الرحمان * (قال بل فعله كبيرهم هذا) * (2) وهذا ما فعله، ويوسف الصديق قال: * (أيتها العير إنكم لسارقون) * (3) وما سرقوا؟ وحينئذ فلا حاجة إلى التخصيص، ولا إلى القول بالمجاز.
قلت: إنهما لما كانا مصلحين لم يكونا كاذبين، لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه