والظاهر منه أن موت الجاهل بإمام زمانه شبيه بموت أهل الجاهلية والنفاق، فيظهر منه أن معرفته وقد فاتت منه تلك المعرفة المخصوصة بأمور المبدئية والمعادية غير نافعة له في النشأة الآخرة، حيث لا تدفع عنه العقاب الأخروي، وهو ظاهر. وأما أن حياته شبيهة بحياة أهل الجاهلية أو هو كافر مدة حياته أو لا يجوز إجراء أحكام المسلمين عليه، فلا دلالة له عليه بدلالة من الدلالات، كيف وهو خلاف ما دلت عليه أخبار كثيرة من إسلام أهل الخلاف، كما سيأتي طرف منه.
وبذلك يظهر فساد ما أفاده وحيد زمانه ميرزا محمد طاهر (قدس سره) بقوله: إعلم أن المليين من المسلمين مع اختلاف مذاهبهم اتفقوا على صحة ما نقل عن النبي (صلى الله عليه وآله) وهو قوله: " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " ولا شك في أن هذا الحديث صريح في أن الجاهل بإمام زمانه كافر، ولا شك في أن عليا (عليه السلام) لم يبايع أبا بكر مدة، فعلى هذا يلزم أن لا تكون إمامة أبي بكر حقا، وإلا لزم أن يكون علي وعباس وكل من تأخر عن بيعته كافرا، ولم يقل به أحد، فثبت المطلوب. وذلك لأن غاية ما يفهم منه أن موت الجاهل بإمام زمانه على تقدير بقائه على هذا الجهل وموته عليه شبيه بموت الجاهلية، لأن من متأخر عن بيعة إمام برهة من الزمان، ولعله كان لإجالة النظر وإطالة الفكر ليظهر عليه صدقه وحقيته في دعواه الإمامة، ثم بايعه وعرفه ثم مات على معرفته والإقرار بإمامته يلزم منه أن يكون كافرا مدة حياته، أو يكون موته شبيها بموت الجاهلية حتى يلزم منه المطلوب.
كيف وكثير من أصحاب علي (عليه السلام) لم يبايعوه مدة ثم بايعوه طوعا أو كرها ثم استقاموا على الإقرار بإمامته وماتوا عليه، فيلزم بناء على ما ذكره أن يكونوا كفارا جهلاء محشورين بعد موتهم مع الجاهلية، وظاهر أنه لم يقل به أحد.
والعجب أنه مع ثقوب فهمه وجودة قريحته كيف تفوه بذلك، وتفاخر في آخر دليله بقوله: وهذا طريق أنيق في إثبات إمامة علي (عليه السلام)، لم يذهب إليه أحد، قد وفقنا الله به. مع ظهور بطلانه وفساد بنيانه.