عن القرآن تحريف المحرفين على وجه لا يشوبه شائبة تغيير ولا تبديل، ولا زيادة ولا نقصان بوجه من الوجوه وبطريق من الطرق، كما يصرح به التشبيه المذكور.
ويدل عليه أيضا ما في خبر آخر: " يحمل هذا العلم من كل خلف عدول ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين " (1) وحمل " العدول " على الأئمة (عليهم السلام) يدفعه " في كل قرن " لأنه لا يكون فيه إلا واحد منهم وهو عدل لا عدول.
والدين يشمل القرآن، بل هو مبنى أصول الديانات وفروعها، ومنه يستنبط مسموعها ومعقولها، يدل عليه أيضا قوله تعالى: " أنزلت عليك كتابا لا يغرقه الماء ولا تحرقه النار " إذ ليس المراد به ظاهره، فإنا نرى عيانا أن القرآن يغرقه الماء وتحرقه النار، روي عن الصادق (عليه السلام) أنه " قال: وقع مصحف في البحر فوجدوه وقد ذهب ما فيه إلا هذه الآيات * (ألا إلى الله تصير الأمور) * (2) بل المراد به أن شياطين الإنس والجن اللذين هما كالماء والنار في إزالة أحكام الله وآياته لا يقدرون على تحريفه حروفا وإن كانوا يحرفونه حدودا، كما دل عليه ما في روضة الكافي في رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير: " وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده " (3).
أو المراد أنه كلوء عن التغيير، محفوظ عن الزوال على وجه لو فرض إلقاؤه على الماء والنار لا يؤثران فيه، لحفظه تعالى إياه كما أخبر عنه بقوله * (نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * (4) فيكون كناية عن صونه من جميع أنحاء شوائب التغيير والزوال.
أو أنه لما كان محفوظا في الصدور يتلوه أكثر الأمة ظاهرا كما قال الله تعالى: