فيظهر منه أن وجوبها كان قبل استقرارها في جوفه، وذلك أنه بمجرد الشروع في أكلها صار مستحقا للثواب الموجب للجنة لما فعله بنفسه من الهضم والكسر، فيدل على أن كسرها ووضعها لله أمر مطلوب له موجب للثواب الجزيل والأجر الجميل، وهو السادس والثلاثون.
أو لما فعله من الإكرام والاحترام بنعم الله الملك العلام، فيدل على أن احترامها يورث الثواب المورث للجنة، وقد ورد: " أكرموا الخبز فإن الله أنزله من بركات السماء " (1) وهو السابع والثلاثون.
الثامن والثلاثون: أن الحسنات يذهبن السيئات ويكفرهن (2).
التاسع والثلاثون: كون موجبات الرحمة والمغفرة حسنات وطاعات قليلة سهيلة حقيرة في نظر الانسان، فينبغي له أن يفعل جميع أنواعها ولا يترك شيئا منها استصغارا له، فلعل ما يوجب له الجنة والمغفرة يتحقق في ضمن ما هو حقير في نظره.
الأربعون: وجوب إحسان المحسن، فيدل على أن بعض الأشياء على الله واجب خلافا للأشاعرة، وهو الحادي والأربعون.
الثاني والأربعون: استحقاق المكلف الجنة بمجرد عمله السابق من غير تفضل من الله.
الثالث والأربعون: فعل المكلف فعلا يستحق به أجرا معينا من قبل أن يقدر له في الشرع أجر، فضلا من أن يقدر له فيه أجر معين، فالعلم بمقدار جزاء العمل وكونه منويا وقته غير مشروط في استحقاق الثواب، بل يكفي فيه مجرد العلم بأنه فعل حسن ممدوح في نظر الشارع أو مباح، ضرورة أن المملوك ما كان عالما بمقدار جزاء ذلك العمل، بل يمكن أن يقال: إنه ما كان له العلم بأن له جزاء، نعم قد حصل له العلم بأن تلك اللقمة مباح أكلها بقرينة قوله (عليه السلام): " لآكلها إذا