بغير تعريف، إذ الظاهر أن ذلك الخلاء كان موردا عاما يدخله غيره وغير أهل بيته (عليه السلام) أيضا كما يشعر به كون الرجل هناك وسؤاله عن وجه إعتاقه، تأمل.
الثاني: أن الخبز المتنجس يقبل الطهارة بالغسل، إلا أن يقال: إن القذر ليس بمعنى النجاسة الشرعية بل هو أعم منها، لكن ذكر الخلاء ووجدان الخبز فيه ثم غسله قرينة على أن المراد به النجاسة.
ويؤيده ما في الخبر الأول " وغسل منها ما غسل " فيستفاد منه أن الماء القليل يطهر وخاصة إذا ورد على النجاسة، لأن الظاهر أنه لم يكن هناك كر ولا ماء جار، وهو الثالث.
الرابع: استحباب الاستباقة إلى الخيرات، حيث إنه (عليه السلام) أخذها وغسلها حينما وجدها من غير مهملة وتراخ، كما تدل عليه الفاء التعقيبية، وعدم انتظاره في أخذها وغسلها إلى أوان الخروج من الخلاء وكان أوفق بمرامه.
الخامس: حرمة أكل المتنجس، أو استحباب التنزه عن المستقذر قبل التطهير وإزالة القذر وهو السادس.
السابع: جواز أكله بعده.
الثامن: وجوب احترام نعم الله تعالى أو استحبابه وإن كانت حقيرة، فعلى الأول يستفاد منه حرمة إضاعة المال وما يمكن أن ينتفع به، وهو التاسع.
وأما على الثاني، فلعل فيه نوع إشعار بأن فاعل المستحبات إذا كان واثقا بنفسه آمنا عن الرياء جاز له أن يفعلها علانية: إما للترغيب أو التعليم، وهو العاشر.
الحادي عشر: جواز ارتكاب الإمام (عليه السلام) بنفسه النفيسة للأمور الخسيسة إذا كان الغرض منه نيل ثواب لا يمكن إلا به، ولا يكون ذلك دناءة منه قادحة في منصب الإمامة، فيستفاد منه أن كل ما يأمر به المعصوم أو يفعله بنفسه يكون له وجه حكمة وإن كان مخفيا على غيره.
ولعل إخباره بأنه سيأكلها ولم يكن له وجه ظاهرا بل هو بظاهره يدل على خساسة النفس ودناءة الهمة وغاية الحرص، كان من هذا القبيل، ولذا بين وجهه بأنه من موجبات الجنة والمغفرة، وهو الثاني عشر.