روى الشيخ في التهذيب عن السياري عن أبي الحسن رفعه " قال: جاء رجل إلى عمر، فقال: إن امرأته نازعته فقالت له: يا سفلة، فقال لها: إن كان سفلة فهي طالق، فقال له عمر: إن كنت ممن تتبع القصاص وتمشي في غير حاجة وتأتي أبواب السلطان فقد بانت منك، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس كما قلت، إلي، فقال له عمر: إيته فاسمع ما يفتيك، فأتاه فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إن كنت لا تبالي ما قلت وما قيل لك فأنت سفلة، وإلا فلا شئ عليك " (1).
فأقول بعد تمهيدها: ظاهر الخبر يعطي أنك إن لم تبتدأهم بالجور والإهانة والإساءة والشتم واللطم يقعون فيك ويطمعون منك ما لا يستحقونه تجبرا عليك واقتراحا، فيدل على جواز معاتبتهم بل معاقبتهم من غير سابقة استحقاقهم دفعا للضرر المظنون، وهذا بعيد، لأن الظلم على الإطلاق قبيح، والمقام النبوي منزه عن الأمر بالقبيح، كيف لا وقد ورد في أخبار كثيرة الحث والمبالغة على الإحسان إلى الزوجة والمملوك، حتى روى الصدوق في الفقيه أنه قال: " ما زال جبرئيل (عليه السلام) يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه سيضرب له أجلا يعتق فيه، وما زال يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها "؟ (2).
فالوجه إذن أن يحمل على أنك إن لم تضعهم في غير موضعهم ومحلهم وضعوك في غير موضعك ومحلك وهتكوا حرمتك وتركوا رعايتك، والمراد أن مراعاتهم بقدر حالهم يوجب جرأتهم عليك وجسارتهم، فيتركون مراعاتك بقدر حالك، فوجب تنزيلهم دون منزلتهم لتسلم بذلك منزلتك ومرتبتك.
أو إن لم تتجاوز الحد في تأديبهم وتعليمهم ومنعهم عن الفساد ظلموك ويتجاوزوا الحد في الفساد، وتركوا طاعتك بل طاعة الله، على قياس ما قالوا في قوله (عليه السلام): " لا ترفع عصاك عن أهلك " أي: لا تدع تأديبهم وجمعهم على طاعة الله، ولم يرد الضرب بالعصا ولكنه جعله مثلا.