حاربت وسلم لمن سالمت.
وقد اتفقت الأمة على أن حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام لملة كفر، ومحاربه كافر، فيجب أن يكون حرب حال علي عليه السلام عليه ومحاربه كذلك، حسب ما نص عليه وحكم به.
ويدل أيضا على ضلالهم: حصول العلم من قصورهم استحلال دماء المؤمنين على الظاهر باتفاق، والمقطوع على إيمانهم عند الله تعالى، كعلي والحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وابن عباس وعمار وجماعة من الصحابة والتابعين بإجماع، وقد اتفق الكل على كفر مستحل دماء أهل الإيمان، فيجب الكفر لحكمهم.
ويدل أيضا على ذلك: المعلوم من شعار أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه في الجمل والصفين والنهر من الحكم بكفر أهلها وتحليل دمائهم في حال الحرب وبعدها، والحكم بكفر المسلم واستحلال دمه ضلال، ولا أحد حكم بذلك في علي عليه السلام ووجوه أصحابه، فتثبت صحة فتياهم.
إن قيل: أليس الخوارج تدين بكفر من ذكرتم، فكيف يصح مع ذلك هذا - الاعتبار؟
قيل: لا اعتداد بفتيا الخوارج، لضلالهم عن الدين ومروقهم من الإسلام بما قدمناه، وباتفاق الأمة على كفرهم، ومن هذه حاله لا تأثير لخلافه ولا وفاقه، على أن الإجماع بإيمان علي وولده عليهم السلام ومن ذكرناه من أصحابه والقطع بثوابهم عند الله سبحانه سابق لبدعة الخوارج، فجرى قدحهم في إيمان من ذكرنا حصول الإجماع بإيمانه، وكونه معلوما من دين النبي صلى الله عليه وآله ضرورة، مجرى المعلومات من دينه كالصلاة والزكاة والثواب والعقاب، فكما لا يحكم للقدح في شئ منها ولا ريب في كفر القادح فكذلك إيمان المذكورين.
وبعد، فإن الخوارج لم تكفر عليا عليه السلام وشيعته بقتالهم القوم، ولا بشهادتهم بكفرهم، وكيف بذلك وهم شركاؤهم في الأمرين؟! فسقط الاعتراض بهم على دليلنا، وبان بعد الشبهة به منه.