وقلنا بوجوب ما ذكرناه.
لأنه لا فرق في قبح المنع بينه وبين قبح المنع من التمكين.
يوضح ذلك: أن من صنع طعاما لقوم يريد حضورهم نفعا لهم وعادته جارية في استدعائهم برسول، فلم يفعل الارسال مع كونه مريدا لحضورهم يستحق الذم، كما لو أغلق الباب دونهم، ولا شبهة في وجوب ما يستحق الذم بتركه.
وإذا صح هذا وكان القديم سبحانه مريدا لتكليفه، فلا بد أن يفعل له ما يعلم أنه يختار التكليف عنده أو يكون أقرب إليه، أو يبتنه (1) له إن كان من فعله، وسقط تكليفه إن كان معلقا بما لا يصح إيجاده أو يقبح أو مختصا بفعل غيره مع العلم بأنه لا يفعله ولا بدل (2) له، لكونه تعالى عادلا لا يخل بواجب في حكمته سبحانه.
وما هو من فعله تعالى لا بد أن يكون معلوما للملطوف له به أو مظنونا أو معتقدا لكونه داعيا، وما لا يعلم ولا يظن ولا يعتقد لا يكون داعيا، وسواء كان ما هو من فعله تعالى لطفا في واجب أو مندوب إليه أو ترك قبيح، فإنه يجب في حكمته سبحانه فعله، لكونه مريدا للجميع، وبيان ما هو لطف من فعل المكلف في التكاليف الثلاثة.
فأما ما يختص المكلف، فالواجب عليه فعل ما هو لطف في واجب وترك قبيح، وترك ما هو مفسدة فيهما، وهو في لطف المندوب بالخيار ولا فرق في إعلامه ما هو لطف له في تكليفه وإزاحة علته بين أن ينص له على كونه كذلك وبين أن يوجب عليه فعلا بدليل عقلي أو سمعي، فيعلم بذلك كونه لطفا في واجب، أو