بإمامته، المختصين بولايته، الممسكين لإمساكه.
وضرب معلوم إيمانهم على جهة الجملة، لم يتعينوا بعين من ذكرناه، ولم يتبعوا الظالمين اتباع من نذكره.
وضرب كفار غير متعين بعين من قدمناه، وهم الذين يدينون بجحد إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وهم رجلان: منافق يظهر الإسلام ويبطن الكفر، ومعتقد لظاهر الإسلام عن تقليد بغير حجة أو حجة واقعة غير موقعها يدين بجهله بإمامة المتقدمين.
وضرب فساق حملهم حب الدنيا وإيثار الرئاسة وإرادة الحظوة عند الرؤساء على الترشح لهذا الأمر، أو اتباع المتغلبين رغبة عندهم، مع ثبوت إيمانهم عند الله تعالى وسوابقه إلى دينه، وعلمهم بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام، ودينهم بفرضها وضلال منكرها، فهم الجمهور الأكبر والسواد الأعظم.
وإن قيل: فإذا كانت هذه حال الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله، فقد كان ينبغي لعلي عليه السلام أن يدعو إلى نفسه، ويذكر بفرض طاعته وواجب حقه، فإذا فعل فالجمهور على قولكم عارفون بإمامته وفرض طاعته، ويجدون عنده ما يؤملونه من الدنيا مع سلامة الدين، فلا يبقى لهم صارف عنه، ومنكر ذلك القليل الذي لا قوام لهم بأهل الحق.
قيل: أما دعوته صلوات الله عليه الناس إلى نفسه فغير واجبة عليه، لاستغنائه عنها بدعوة الله سبحانه بنص التنزيل، ودعوة الرسول صلى الله عليه وآله في غير مقام بضروب الأقوال.
غير أنه عليه السلام قد دعى ونبه وخوف من خلافه، وصرح بكونه أولى بالبيعة من ملحيه (1) إليها، وأحق الناس بمقام النبي صلى الله عليه وآله من القائم فيه.
فأجابه المخلصون، وهم رجلان: مستطيع للنصرة وهم الأقل الذين لا يتم بهم الانتصار، ومن عداهم ذوو دين وورع وليسوا أهل حرب وقتال.