(ثبوت المانع من اختيار القوم) وأما ثبوت المانع من اختيار القوم فكونهم مرتبطين بطاعة أسامة وأتباعه في البعث، وتعذر الجمع بين الأمرين، كارتباط أسامة بذلك وخروجه بتعين فرض الانفاذ لأمره صلى الله عليه وآله عن النظر في أمر الإمامة فضلا عن الصلاح لها.
وقد صرح أبو بكر بوجوب هذا البعث، فقال: لو تخطفتني الطير من مجلسي ويفرق عني جندي حتى أبقى وحدي لم يكن لي بد من إنفاذ جيش أسامة.
وإذا كان معترفا بتضيق فرض الانفاذ فهو وصاحبا ومن عقد له من جملة الأتباع، خرجوا بذلك عن التأهيل للاختيار وإن تكاملت لهم صفات الإمام - المعلوم انتفاؤها عنهم - وذلك يسقط فرض النظر في حال العاقدين ومن عقدوا له.
(عدم حصول الاختيار بصفته المعتبرة) وأما عدم الاختيار بصفته المعتبرة عن الثلاثة المتقدمين، فقد بينا أن صحته تفتقر إلى حضور جميع العلماء، للنظر في أحوال من يصلح للإمامة، فإذا استقر رأيهم على واحد وسلم لهم العامة الرضى به بايعوه، وهذا مفقود في الجميع.
أما عدم هذه الصفات المعتبرة في اختيار الأول فظاهر لكل متأفل، إذ معلوم لكل ناظر توليته الأمر عليه على (1) غير وجه الاختيار، من حيث علمنا وهم سبق الأنصار إلى سقيفة بني ساعدة، وترشحهم سعد بن عبادة للأمر، وعزمهم على بيعتهم (له) من غير مشاورة لمن عداهم أو تأخر عنهم من المهاجرين، وإنذار ابن ساعدة العجلاني عمر ابن الخطاب بحال الأنصار وما اجتمعوا له وعزموا عليه، ومجئ عمر إلى أبي بكر، ومضيهما إلى ظلة بني ساعدة، ومعهما أبو عبيدة بن الجراح، والمغيرة بن شعبة، وسالم مولى أبي حذيفة - لا يعلم لهم سادس من المهاجرين ومن هاشم - ومن عداهم من المهاجرين مشغولون بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله، وما جرى بين حاضري