وإذا ثبت حسن التكليف وجب، لأنه لا واسطة بين وجوبه وقبحه، من حيث كان القديم سبحانه قادرا على أن يغني العاقل بالحسن عن القبيح، فإذا لم يفعل وأحوجه إليه بالشهوات المخلوقة فيه وخلى بينه وبينه، فلا بد أن يكلفه، لأنه إن لم يكلفه الامتناع منه وإن شق تعريضا لعظيم النفع بالثواب كان مغريا له بالقبح، وذلك لا يجوز (عليه) تعالى.
وأما بيان الأفعال التي تعلق بها التكليف وصفاتها، فمن حق ما تعلق التكليف بفعله أو تركه عقلا وسمعا صحة إيجاده، لأن تكليف ما لا يصح إيجاده قبيح، كالجواهر والحياة، ولا يحسن تعلقه بما لا يستحق بفعله أو بأن لا يفعل الثواب، لأن الغرض الذي له حسن كونه تعريضا للثواب، فلا يحسن تكليف ما لا يوصل بفعله أو تركه إليه.
وهو ينقسم إلى ما يستحق بفعله الثواب، وإلى (1) ما يستحق بأن لا يفعل العقاب وهو الواجب، وإلى ما لا حكم لتركه وهو الندب والاحسان، وإلى ما يستحق بأن لا يفعل الثواب وهو القبيح، ولا مدخل للمباح في التكليف، حيث كان لاحظ لفعله ولا تركه في استحقاق الثواب، وما لا يوصل إلى الثواب لا يحسن تكليفه.
ولا بد لما كلف إليه تعالى فعله أو تركه من وجه اقتض ذلك فيه، لأنه لولا وجه اقتضاه لم يكن ما وجب أولى بذلك من الندب أو القبيح من الوجوب والندب.
والتكليف على ضربين: ضروري، ومكتسب.
والضروري على ضربين: واجب، وندب.
والواجبات على ضربين: أفعال، وتروك.