ولو كان لمعنى أو بالفاعل لجاز تكامل ما قدمناه من المقتضي والشروط من دونه، بأن لا يوجد ذلك المعنى، أو لا يفعله القادر إن كان صفة، أو يوجد المعنى أو صفة الفاعل فيمن لم يتكامل له الشروط التي ذكرناها، فيحصل حكمه، والمعلوم خلاف ذلك، فثبت تميزه من جميع الصفات.
وإذا تقرر هذا وعلمناه تعالى حيا تستحيل عليه الآفات والموانع، فلا بد من كونه مدركا متى وجد المدرك، لحصول المقتضي لهذا الحكم وثبوت (الشرط).
مسألة: (في كونه تعالى مريدا) وهو سبحانه مريد، لوقوع أفعاله على وجه دون وجه، وفي حال دون أخرى، وافتقار وقوع الأفعال على ذلك إلى كون فاعلها مريدا، لتعلق كونه قادرا عالما بجميعها على حد سواء، فلا يجوز إسناد وقوعها على الوجوه وفي الأوقات المخصوصة إلى كون فاعلها قادرا عالما.
وإرادته فعله، لاستحالة كونه مريدا لنفسه مع كونه كارها، لأن ذلك يقتضي كونه مريدا كارها لكل ما يصح كونه مرادا، وذلك محال، ولأن ذلك يوجب كونه مريدا لكل ما تصح إرادته من الحسن والقبح، وسنبين فساد ذلك.
أو بإرادة قديمة، لفساد قديم ثان، ولأن ذلك يقتضي قدم المرادات، أو كون إرادته عزما، وكلا الأمرين مستحيل، وكونها من فعل غيره من المحدثين محال، لأن المحدث لا يقدر على فعل الإرادة في غيره، لاختصاص إحداثها بالابتداء، وتعذر الابتداء من المحدث في غيره، ويستحيل وجود قديم ثان على ما نبينه، فلا يمكن تقدير إحداثها به.
وهي موجودة لا في محل، لاستحالة حلولها فيه تعالى، لكونه قديما يستحيل كونه بصفة المحال، وحلولها في غيره في حي أو جماد يقتضي اختصاص حكمها