جميعها إلا عالم واحد (1)، وحصول النزاع من جمهورها في كون الإجماع حجة، ومع وجود كل متكلم في صحة الاختيار يثبته على صحة الإجماع وانعقاده عليه.
ولو كان ما ذكره السائل مذهبا، لاستغنى القوم الذاهبون إليه عن إيراد ما يظنونه دليلا على ثبوت الإجماع في إمامة أبي بكر وعمر وعثمان، من التعلق بالامساك وترك النزاع، وغير ذلك مما لا حجة فيه على ما بيناه، ولوجب عليهم الاشتغال بكون ما ذهب إليه كل فريق من العدد وجعله حجة في صحة العقد، ولما لم يتعرض لذلك أحد منهم ووجدنا الجميع يفتقر إلى مراعاة الإجماع في نصرة ما ذهب إليه ويقول: إذا عقد هذا العدد المخصوص وسلم الباقون، صح ما ذكرناه.
ولولا أن بعض من ينتمي إلى العلم بالاعتزال سأل عن ذلك - مع كثرة جهل أهل بلادنا بمذاهب الناس - لم يكن بنا حاجة إلى ذكره، لظهور فساده، وحصول الإجماع على خلافه.
(ذكر القبائح الواقعة منهم حال ولايتهم المقتضية لفسخها) وتأمل هذا الكلام يغني عن إسقاط ما يتعلقون به في إمامة القوم من إجماع وغيره بالأحداث الواقعة منهم في حال ولايتهم، فهو إنا لو تجاوزنا لهم عن جميع ما قدمناه، لكانت القبائح الواقعة منهم في حال تعليمهم (2) كافية في فساد إمامتهم على كل حال، لأن ثبوت فسقهم في حال الولاية تعليمهم (3) الولاية كافية تمنع من ثبوت إمامتهم وصحة العقد بها قبل وقوع هذه الأحداث، فيقتضي فسخها لو كان العقد صحيحا بها، إذ لا أحد من الأمة أثبت فسقهم في حال ولايتهم إلا حكم بفساد عقدها وفسخ العقد الصحيح بالفسق الواقع بعده.