الظاهر من حالها إفادة التأسف على فوت الأمنية من الظفر بعلي عليه السلام، ونيل المأمول من الخلافة.
وأحسن أحوالها أن تكون صادرة عن شك في الأمر، وليست التوبة من الشك في شئ، يؤكد ما قلناه: عدولهم عما لا تصح التوبة من دونه، مع إمكانه من الرجوع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، والتنصل من قتاله وخلافه.
فأما بقاء عائشة (1)، فغير نافع، لحصول العلم بإصرارها على عداوة أمير المؤمنين عليه السلام، وتعريضها به في مقام بعد مقام.
وقولها: كلما جرى ذكر قصة الإفك أشار على رسول الله صلى الله عليه وآله بطلاقي، فلا جرم أني لا أحبه أبدا.
وقولها: - وقد بشرها بعض عبيدها بقتل علي صلوات الله عليه - شعر:
فإن يك نائيا (2) فلقد نعاه ناع (3) ليس في فيه التراب ثم قالت للعبد: من قتله؟ قال: عبد الرحمن بن ملجم، قالت: فأنت حر لوجه الله، وقد سميتك عبد الرحمن.
ثم تمثلت ببيت آخر، شعر:
وألقت عصاها واستقر بها النوى (4) كما قر عينا بالإياب المسافر (5) ومجاهرة بعداوة أمير المؤمنين، والغبطة بقتله، وما جرى منها عند وفاة الحسن عليه السلام، وقد أوصى أن يجدد به عهد بالنبي ويدفن بالبقيع، فجاءت مسرعة على بغل يقدمها مروان بن الحكم قائلة: لا والله لا يدفن في بيتي إلا من أحب، خذوا ابنكم واذهبوا حيث شئتم، فلا سبيل لكم إلى دفنه، فقال لها ابن الحنفية - وفي رواية ابن عباس