وأيضا، فمعلوم من دين أمير المؤمنين عليه السلام وذريته المعصومين عليهم السلام وشيعتهم الصالحين القطع على كفر القوم وموتهم عليه وخلودهم به في النار، وفتياهم بذلك خلفا عن سلف، وانقراض الأعصار بإطباق الذرية في النسب والشيعة في المذهب عليه، والفتيا حجة - لاستنادها في كل عصر إلى حجة معصوم - لو ثبتت في عصر واحد لكفت، فكيف بها متناصرة في الأعصار المتوالية.
إن قيل: ومن أي وجه علمتم ذلك من حال من ذكرتموه؟ أبينوا عنه لنعلم صحة هذه الإضافة من فسادها.
قيل: أما تدين أمير المؤمنين والأئمة من ذريته صلوات الله عليهم بذلك فمن وجوه:
أحدها: تأمل حالهم، وما حفظ عنهم بحضرة الولي والعدو من الازراء على القطع المقوم بصلاتهم (1)، كما يعلم بدين الشافعي ومالك وأبي حنيفة ومن تبعهم بولاية القوم.
ومنها: تواتر شيعتهم عنهم وذراريهم بذلك، وتقربهم إلى الله تعالى وإليهم به مع اختصاصهم بهم وتوليهم وقبول ما يحملونه من حقوق الأموال، وتعظيمهم (2) مع هذه الحال، ولو كان دينهم عليهم السلام بخلاف ما يظهر من ذريتهم وشيعتهم ويدينون به لأنكروا عليهم وبرئوا منهم، وفي فقد ذلك دليل على موافقتهم لهم فيه.
فأما طريق تدين الشيعة والذرية بذلك، فالعلم الضروري من حالهم اتخاذهم شعارا على حال الأمن والخوف.
وأما من عدا من ذكرنا من الصحابة، فعلى ضروب:
منها: ضرب مقطوع على إيمانهم: كسلمان، وعمار، وأبي ذر، ومقداد، وحذيفة، وخزيمة، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وأبي سعيد الخدري، والعباس، وولده، وبريدة الأسلمي، في أمثال لهؤلاء من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، العارفين