فمن ذلك الحادث في ولاية أبي بكر.
وهو على ضروب:
منها: تسميته بخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، مع العلم الضروري بكذبه في هذا الاسم على رسول الله صلى الله عليه وآله، إذا كانت ولايته على أحسن الأحوال مستنده إلى اختيار الأمة، والمختار باجتهادها لا يكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله، وإنما يكون كذلك من نص صلى الله عليه وآله على خلافته، دون من تعلق استخلافه بفعل غيره عليه السلام.
وليس لأحد أن يقول: إذا كان اختيار الأمة له عن نص النبي صلى الله عليه وآله على الاختيار وصفة المختارين، فهو مضاف إلى النبي عليه السلام وإن وقع بغيره.
لأن (1) الأمر لو كان كذلك - مع أنا قد بينا فساد الدعوى له - لم يكن ما فعلوه من اختيار أبي بكر مسوغا لإضافة استخلافه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، لحصول العلم في عرف الاستخلاف بخلافه، وأنه لا يجوز أن يضاف إلى نبي ولا إمام ولا ملك استخلاف غيره إلا بعد أن يكون هو الناص على عينه.
ولهذا لا يضاف إلى الملك إمارات القرى الصادرة عن اختيار أمير (2) الإقليم المنصوب من قبل الملك المأذون له في الولايات، وكذلك حكم كل رئاسة منصوص عليها من قبل رئيس لا يضاف إلى الرئيس الأول استخلاف أحد ممن أذن له في استخلاف.
فكذلك إذا (3) كان الأمر على ما قالوه لم يجز إضافة خلافة أبي بكر إلى رسول الله صلى عليه وآله، وإن كانت حاصلة بفعل من أذن له بالاستخلاف على الجملة.
كما يقال في كل موضع ذكرناه: هذا خليفة الأمير أو خليفة الوزير، ولا يقال:
خليفة الملك إلا لمن نص الملك على خلافته، وإن كان الوزير والأمير مأذونا لهما في