العقليات والحال هذه، وبكون السمع المؤثر للحسن والقبح معدوما في حال وقوع الحسن والقبح من المكلف، مع استحالة تأثير المعدوم ووجوب تعلق بما أثر فيه على آكد الوجوه، وبعدم (1) السمع المدعى تأثيره في أفعالنا، لاختصاصه به تعالى.
وإسناد ذلك إلى الميل والنفور ظاهر الفساد، لاختلاف العقلاء فيما يتعلق بالميل والنفور، واتفاقهم على قبح الظلم والكذب وحسن الصدق والعدل، ولأن الميل والنفور يختصان المدركات وقد نعلم قبح ما لا ندركه، ولأنا قد نعلم قبح كثير مما نميل إليه وحسن كثير مما ننفر عنه، ولأنا نعلم ضرورة استحقاق فاعل العدل والصدف المدح وفاعل الظلم والكذب الذم، ولا يجوز إسناد ذلك إلى الميل والنفور المختصان به تعالى، وقبح ذم الغير ومدحه على ما لم يفعله.
وقلنا: إن التفصيل مكتسب، لوقوف حصوله لمن علم الجمل، ولو كان ضروريا لجاز حصوله من دونها.
مسألة: (في كونه تعالى قادرا على القبيح) وهو تعالى قادر على القبح من جنس الحسن، وإنما يكون قبيحا لوقوعه على وجه، وحسنا لوقوعه على وجه، كقول القائل: زيد في الدار فإن كان متعلق الخبر بالمخبر عنه على ما هو به فهو حسن، وإن كان متعلقه بخلاف ما هو به فهو قبيح، فلو لم يكن تعالى قادرا على القبيح لم يكن قادرا على الحسن.
وأيضا فلا يخلو القبيح أن يكون جنسا أو وجها، وكونه تعالى قادرا على جنس ووجوهه، لقيام الدلالة على كونه قادرا لنفسه، والقادر لنفسه يجب أن