لاختصاص موجبهما، لا لكونهما لطفا في الجملة، واختصاص الرئاسة بمن يجوز منه فعل القبيح في أفعال الجوارح وما يتعلق بها من أفعال القلوب، وبكل زمان وجد فيه مكلفون بهذه الصفة بحسب ما اقتضته الأدلة فيها، ولا يخرجها ذلك عن كونها لطفا لمخالفتها باقي الألطاف، كما لم يخرج كل لطف خالف لطفا سواه في مقتضاه عن كونه كذلك.
(اشتراط العصمة في الرئيس) وهذا اللطف لا يتم إلا بوجود رئيس أو رؤساء لا يد على أيديهم ترجع إليه أو إليهم الرئاسات، ولا يكون كذلك إلا بكونه معصوما، لأنا قد بينا وجوب استصلاح كل مكلف غير معصوم بالرئاسة، فاقتضى ذلك وجوب رجوع الرئاسات إلى رئيس معصوم، وإلا اقتضى وجود ما لا يتناها من الرؤساء، أو الاخلال بالواجب في عدله تعالى، وكلاها فاسد.
ولنا تحرير الدلالة على وجه آخر، فنقول: العلم بوجوب الحاجة إلى رئيس لا ينفصل من العلم بوجه الحاجة، لأنا إنما علمنا حاجة المكلفين إلى رئيس من حيث وجدناه لطفا في فعل الواجب واجتناب القبيح، وهذا لا يتقدر إلا في من ليس بمعصوم، فصار العلم بالوجوب لا ينفصل من العلم بوجهه.
وترتيب الأول أولى، لبعده من الشبهة وإسقاطه الاعتراض بعصمة كل رئيس، وافتقار هذا إلى استئناف كلام لإسقاط ذلك.
(ما يتعلق بالرئيس) ولا بد من كون الرئيس أعلم الرعية بالسياسة، لكونه رئيسا فيها، وقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه.
ولا بد من كونه أفضلهم ظاهرا، لهذا الوجه بعينه.