في غيرها، وذلك محال، ولأنه لو صح منه الاختراع لجاز أن يخترع في الإصبع الواحدة من حمل الثقيل ما ينقل باليدين، والمعلوم خلاف ذلك، ولأنا نعلم انتفاء الحياة بانتقاض هذه البنية، ولو كان الحي غيرها لكان لا فرق بين قطع الرأس والشر، والمعلوم خلاف ذلك.
وببعض ما قدمناه يبطل كون الحي بعض الجملة، لصحة الإدراك بجميع أبعاضها، وبوقوع الأفعال في حالة واحدة بكثير من أعضائها، مع تعذر الاختراع على ما بيناه.
وأما صفات المكلف، فيجب أن يكون قادرا ليصح منه إيجاد ما كلف، والقدرة مختصة بمقدوراته سبحانه، فيجب عليه فعلها.
وإن كان التكليف يفتقر إلى آلة وجب في حكمته سبحانه فعل ما يختصه كاليد والرجل " وتمكينه من تحصيل ما يختصه كالقلم والقوس، لتعذر الفعل المفتقر إلى آلة من دونها، لتعذره من دون القدرة.
وإن كان التكليف مما يفتقر العلم به والعمل إلى زمان وجب تبقية الزمان الذي يصحان في مثله، لأن اخترامه من دونه قبيح.
ويجب أن يكون عالما بتكليفه ووجهه، أو متمكنا من ذلك، لأن الغرض المقصود من الثواب لا يثبت مع الجهل بوجوب الأفعال، لاختصاص استحقاقه بإيقاع ما وجب أو ندب إليه واجتناب ما قبح للوجه الذي له حسنا وقبح هذا، ولأن المكلف لا يأمن براءة ذمته مما وجب عليه فعلا وتركا من دون العلم بهما.
فما اقتضت الحكمة كونها من فعله تعالى، فلا بد من فعله للمكلف، كالعلم بالمشاهدات بأوائل العقول وسائر الضروريات، وما اقتضت المصلحة كونه من فعل المكلف، وجب إقداره عليه بإكمال عقله ونصب الأدلة وتخويفه من ترك النظر فيها، ويكفي ذلك في حسن تكليف ما يجب علمه استدلالا، وإن لم يكن