ودعوى إمساك الصحابة عنه لا يغني شيئا، لاحتماله للرضي وغيره على ما بيناه، ولحصول الامساك منهم أيضا عن فاطمة عليها السلام وترك النكير عليها في دعوى النحلة والميراث.
ولا يجوز أن يقول جاهلهم في هذا: قد أنكر عليها أبو بكر، لأنه يقال له: وقد أنكرت هي أيضا على أبي بكر، وهل من فضل؟!.
ومنها: أن هذا الخبر لو كان صدقا لم يختص سماعه بأبي بكر، بل الوجوب في حكمة النبي صلى الله عليه وآله إعلام أهل بيته به، لاختصاص فرض تبليغه إليهم بهم، لكونه من فروضهم دون أبي بكر.
ولو أعلمهم لم يطالبوا إلا عن علم منهم بتحريم المطالبة، وذلك مأمون منهم بغير خلاف، ولأنه عليه السلام نص على أن عليا عليه السلام أعلم القوم، وأقضاهم، وباب مدينة علمه، ومن لا يفارق الحق ولا يفارقه، وذلك يمنع من جهله بحكم شرعي يعلمه أبو بكر.
وألا يبلغه النبي صلى الله عليه وآله إليهم ولا إلى من تقوم الحجة بنقله إخلال منه عليه السلام بواجب الأداء، وذلك مأمون منه باتفاق، فلم يبق إلا كذب المخبر به.
وبعد، فلو (1) سلم الحديث لم يمنع من مقصودنا من وجهين:
أحدهما: أن إعرابه غير مضبوط، فيصح أن تكون الرواية بنصب صدقة، فتكون فائدته: أن المتروك للصدقة لا يورث، بخلاف كل موص بصدقة لا يمضي منها ما زاد على الثلث.
الثاني: أنه لو ثبت ما أرادوا من نفي التوريث لكان مختصا بما يصح ذلك فيه من أملاكه، وفدك خارجة عن هذا، لكونها من جملة الأنفال التي لا تملك على حال، ولا يصح تصرف النبي صلى الله عليه وآله ولا من يقوم مقامه من الحجة من الأئمة المستحقين للأنفال في شئ من منافعها بعد الوفاة، لاختصاص ذلك بالقيام في حفظ الملة مقام