وقوله عليه السلام: فاطمة بضعة مني يؤلمني ما يؤلمها ويؤذيني ما يؤذيها، وذلك لا يمكن إلا مع كونها معصومة، لأن تجويز القبح عليها يصحح وقوعه، ووقوعه موجب لأذاها باللعن والذم والحد والتعزير، وذلك مناف للخبر، ولأنه لو شهد عليها شهود بما يوجب الحد لوجب جلدهم حد المفتري دونها بإجماع، وذلك لا يصح إلا مع القول بعصمتها، وإذا ثبتت (1) عصمتها اقتضى ذلك قبول قولها لاقتضائه العلم بصحته، وأغنى عن البينة التي لا توجب علما.
ولا يجئ من ذلك القول بأن الرجل جهل عصمتها، لأنه لا تكليف له في ذلك.
لأن صحة دعواها عليها السلام إذا كانت مستندة إلى ثبوت عصمتها فلا بد من أن تحتج عليه بدليلها الذي لا حجة لها غيره، وإذا فعلت ذلك تعين عليه فرض النظر الذي (2) متى يفعله يعلم عصمتنا، وإن لا يفعل يخل بالواجب عليه، والاخلال بالواجب قبيح (3)، ومطالبة المعلوم الصدق بينة استظهار على العلم بالظن، وذلك جهل قبيح وظلم صريح.
ومنها: أنه لا يخلو أن تكون فدك مما يجب في الشرع تسليمه لفاطمة عليها السلام، أو مما يجب منعها منه، ولا ثالث هاهنا.
والقسم الأول يقتضي كون المانع ظالما، لإخلاله بالواجب من تسليم الحق إلى مستحقه، فاسقا لجهله بما يجب على الحاكم علمه.
والثاني يقتضي كونها - وحاشاها - مطالبة بما لا تستحقه، وكاذبة في دعواها وتظلمها من الحق الواجب عليها، ومشاركة أمير المؤمنين عليه السلام لها في ذلك، للرضي به وإقرارها عليه ومشاركتها في الدعوى والتظلم.
والإجماع بخلاف ذلك، فصح القسم الأول.