القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها يوما (1)، وطويت عنها كسحا (2)، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء وأصبر (3) على طخية عمياء، فرأيت أن الصبر على هاتا (4) أحجى، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا، إلى آخر الكلام المشهور المتضمن للتصريح بالتظلم من القوم المتقدمين عليه.
وقوله عليه السلام: ولئن تقمصها دوني الأشقيان، ونازعاني فيما (5) ليس لهما بحق، وهما يعلمان، وركباها ضلالة، واعتقداها جهالة، فلبئس ما عليها وردا، وبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في محلهما، ويبرء كل منهما من صاحبه بقوله: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين.
في أمثال لهذه الأقوال المحفوظة عنه في ابتداء الأمر، وفي خلافة عثمان، وحين آل الأمر إليه وحصول العلم لكل مهتم بتدينه (6) عليه السلام بذلك وذريته وشيعته إلى يومنا هذا.
وما ظهر من إنكار سلمان الفارسي رضي الله عنه لأمرهم، ومشاركة الزبير، وجماعة من بني هاشم، وكثير من الأنصار، كقيس بن سعد بن عبادة، والحباب بن المنذر، وبريدة الأسلمي، وتخلف بلال عن البيعة إلى أن مات.
وإذا كان هذا النكير من وجوه الصحابة معلوما سقطت (7) دعواهم ارتفاعه (8).
على أن ارتفاع النكير لا يدل على الرضى، لاحتماله له ولغيره من الرجاء والخوف