وإنما بنيت هذه الظروف عند قطعها عن المضاف إليه لمشابهتها الحرف، لاحتياجها إلى معنى ذلك المحذوف، فإن قلت: فهذا الاحتياج حاصل لها مع وجود المضاف إليه، فهلا بنيت معه، كالأسماء الموصولة: تبنى مع وجود ما تحتاج إليه من صلتها؟
قلت: لأن ظهور الإضافة فيها يرجح جانب اسميتها، لاختصاصها بالأسماء، أما (حيث)، و (إذا)، فإنها، وإن كانت مضافة إلى الجمل الموجودة بعدها، إلا أن إضافتها ليست بظاهرة، إذ الإضافة في الحقيقة إلى مصادر تلك الجمل، فكأن المضاف إليه محذوف، ولما أبدل في كل، وبعض، التنوين من المضاف إليه، لم يبنيا، إذ المضاف إليه كأنه ثابت بثبوت بدله، وإنما اختاروا البناء في هذه الظروف دون التعويض، لأنها قليلة التصرف، أو عادمته، على ما مر في المفعول فيه، وعدم التصرف يناسب البناء، إذ معناه، أيضا، عدم التصرف الأعرابي، ويجوز، أيضا، في هذه الظروف، لكن على قلة: أن يعوض التنوين من المضاف إليه فتعرب، قال:
482 - ونحن قتلنا الأزد أزد شنوءة * فما شربوا بعدا على لذة خمرا 1 وقال:
فساغ لي الشراب وكنت قبلا * أكاد أغص بالماء الحميم 2 - 68