شرح الرضي على الكافية - رضي الدين الأستراباذي - ج ٣ - الصفحة ١٦٣
...... فدعاء قد حلبت على عشارى 1 الفدعاء: المعوجة الرسغ، من اليد أو الرجل، فتكون منقلبة الكف، أو القدم إلى أنسيهما 2، يعني أنها لكثرة الخدمة صارت كذلك، أو: هذا خلقة بها، نسبها إلى شوه الخلقة، 3 وإنما عدى (حلبت) بعلى، لتضمين (حلبت) معنى: ثقلت، أو تسلطت، أي كنت كارها لخدمتها، مستنكفا عنها، فخدمتني على كره مني، ووجه النصب في (عمة)، كون (كم) خبرية، على ما تقدم من جواز نصب مميزها عند بعضهم، أو استفهامية، وإن لم يرد معنى الاستفهام، لكنه على سبيل التهكم، كأنه يقول: نفس الحلب ثابت، إلا أنه ذهب عني عدد الحلبات، والجر، على أن (كم) خبرية، والرفع، على حذف التمييز، اما مصدرا بتقدير: كم حلبة، نصبا وجرا، فالنصب على الاستفهام على سبيل التهكم، والجر على الاخبار، وإما ظرفا بتقدير: كم مرة، نصبا على التهكم وجرا على الأخبار، فترتفع (عمة) بالابتداء، و: (لك)، صفتها، والخبر: قد حلبت، و (كم) في الوجهين منصوبة المحل، اما مفعول مطلق لخبر المبتدأ، أو ظرف له، كما تقول: أضربتين زيد ضرب؟ و: أمرتين زيد ضرب؟، واعلم أن مميز (كم) لا يكون إلا نكرة، استفهاما كان، أو، لا، أما الاستفهامية، 4 فلوجوب تنكير المميز المنصوب، وأما الخبرية، فلأنها كناية عن عدد مبهم، ومعدود كذلك، والغرض من الإتيان بالمميز: بيان جنس ذلك المعدود المبهم فقط، وذلك يحصل بالنكرة، فلو عرف، وقع التعريف ضائعا، و (كم) في حالتيها، مفرد اللفظ، مذكر، قال الأندلسي، فيجوز الحمل على

(1) هو، كما قال الشارح للفرزدق في هجاء جرير، وهي قصيدة امتلأت بالفحش والسب المقذع، والبيت مشهور متداول في جميع كتب النحو، (2) أي إلى جانبه الأيمن أو الأيسر، على خلاف بين علماء اللغة في تحديد معنى الانسي والوحشي، (3) أي تشوه الخلقة، (4) يعني: أما سبب التنكير في مميز الاستفهامية، وكذلك في مقابلة الآتي،
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست