فصار مميزه كمميز العدد الكثير، وهو المائة والألف، وإنما جاز الجمع فيه ولم يجز في العدد الصريح لأن في لفظ العدد الكثير دلالة على الكثرة، فاستغنى بتلك الدلالة عن جمع المميز، وأما (كم) فهو كناية عن العدد الكثير، وليس بصريح فيه، فجوز واجمع مميزه، تصريحا بالكثرة، قوله: (وتدخل من فيهما)، أي في مميزيهما، أما في الخبرية فكثير نحو: (وكم من ملك في السماوات) 1، و: (كم من قرية) 2، وذلك لموافقته جرا للمميز المضاف إليه (كم)، وأما مميز (كم) الاستفهامية، فلم أعثر عليه مجرورا بمن، في نظم ولا نثر، ولا دل على جوازه كتاب من كتب النحو، ولا أدري ما صحته 3، وإذا انجر المميز بمن وجب تقدير (كم) منونة قوله: (ولهما صدر الكلام) أما الاستفهامية فللاستفهام، وأما الخبرية فلما تضمنته من المعنى الإنشائي في التكثير، كما أن (رب) لما تضمنت المعنى الإنشائي في التقليل، وجب لها صدر الكلام، ولي، في تضمنهما معنى الإنشاء، أعني: رب، وكم، نظر، كما يجيئ في باب التعجب، 4 وإنما وجب تصدير متضمن معنى الإنشاء، لأنه مؤثر في الكلام مخرج له عن الخبرية، وكل ما أثر في معنى الجملة من الاستفهام والعرض والتمني والتشبيه ونحو ذلك فحقه صدر تلك الجملة خوفا من أن يحمل السامع تلك الجملة على معناها قبل التغيير، فإذا جاء المغير في آخرها تشوش خاطره، لأنه يجوز رجوع معناه إلى ما قبله من الجملة مؤثرا فيها، ويجوز بقاء الجملة على حالها فيترقب جملة أخرى، يؤثر ذلك المغير فيها،
(١٥٧)