العشر! وها أنا بين يديك مرني بأمرك.
فقال ابن عمر: مهلا ذرنا من هذا يا ابن عباس. قال: ثم أقبل ابن عمر على الحسين فقال: أبا عبد الله! مهلا عما قد عزمت عليه، وارجع من هنا إلى المدينة، وادخل في صلح القوم ولا تغب عن وطنك وحرم جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا تجعل لهؤلاء الذين لا خلاق لهم على نفسك حجة وسبيلا، وإن حببت أن لا تبايع فأنت متروك حتى ترى برأيك فإن يزيد بن معاوية - لعنه الله - عسى أن لا يعيش إلا قليلا، فيكفيك الله أمره.
فقال الحسين: أف لهذا الكلام أبدا ما دامت السماوات والأرض! أسألك بالله يا عبد الله أنا عندك على خطأ من أمري هذا؟ فإن كنت عندك على خطأ فردني فإني أخضع وأسمع وأطيع، فقال ابن عمر: اللهم لا، ولم يكن الله تعالى يجعل ابن بنت رسوله على خطأ، وليس مثلك من طهارته وصفوته من الرسول (صلى الله عليه وآله) على مثل يزيد ابن معاوية - لعنه الله - باسم الخلافة، ولكن أخشى أن يضرب وجهك هذا الحسن الجميل بالسيوف وترى من هذه الأمة ما لا تحب، فارجع معنا إلى المدينة، وإن لم تحب أن تبايع فلا تبايع أبدا، واقعد في منزلك.
فقال الحسين: هيهات يا ابن عمر! إن القوم لا يتركوني وإن أصابوني وإن لم يصيبوني فلا يزالون حتى أبايع وأنا كاره، أو يقتلوني.
أما تعلم يا عبد الله! إن من هوان هذه الدنيا على الله تعالى إنه أتى برأس يحيى بن زكريا (عليه السلام) إلى بغية من بغايا بني إسرائيل والرأس ينطق بالحجة عليهم؟
أما تعلم أبا عبد الرحمن! إن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كلهم كأنهم لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل الله عليهم، ثم أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر؛ اتق الله