أبا عبد الرحمن، ولا تدعن نصرتي... (1).
يا ابن عمر! فإن كان الخروج معي مما يصعب عليك ويثقل فأنت في أوسع العذر، ولكن لا تتركن لي الدعاء في دبر كل صلاة، واجلس عن القوم، ولا تعجل بالبيعة لهم حتى تعلم إلى ما تؤول الأمور.
قال: ثم أقبل الحسين على عبد الله بن عباس فقال: يا ابن عباس! إنك ابن عم والدي، ولم تزل تأمر بالخير منذ عرفتك، وكنت مع والدي تشير عليه بما فيه الرشاد، وقد كان يستنصحك ويستشيرك فتشير عليه بالصواب، فامض إلى المدينة في حفظ الله وكلائه ولا يخفى علي شيء من أخبارك فإني مستوطن هذا الحرم، ومقيم فيه أبدا ما رأيت أهله يحبوني، وينصروني، فإذا هم خذلوني استبدلت بهم غيرهم، واستعصمت بالكلمة التي قالها إبراهيم الخليل (صلى الله عليه وآله) يوم ألقي في النار:
حسبي الله ونعم الوكيل فكانت النار عليه بردا وسلاما.
قال: فبكى ابن عباس، وابن عمر في ذلك الوقت بكاء شديدا والحسين يبكي معهما، ساعة ثم ودعهما، وصار ابن عمر وابن عباس إلى المدينة (2).
وقال أيضا: وقدم ابن عباس في تلك الأيام إلى مكة، وقد بلغه أن الحسين (عليه السلام) يريد أن يصير إلى العراق، فأقبل حتى دخل عليه مسلما، فقال: جعلت فداك يا ابن بنت رسول الله! إنه قد شاع الخبر في الناس وأرجفوا بأنك سائر إلى العراق. فبين لي ما أنت صانع!