الحسين (عليهما السلام) وحرمه على يزيد، وجئ برأس الحسين (عليه السلام) ووضع بين يديه في طست، فجعل يضرب ثناياه بمخصرة كانت في يده، وهو يقول:
لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحي نزل ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل لأهلوا واستهلوا فرحا * ولقالوا يا يزيد لا تشل فجزيناه ببدر مثلا * وأقمنا مثل بدر فاعتدل لست من خندف إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فعل قالوا: فلما رأت زينب ذلك فأهوت إلى جيبها فشقته، ثم نادت بصوت حزين تقرع القلوب: يا حسيناه! يا حبيب رسول الله! يا ابن مكة ومنى! يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء! يا ابن محمد.
قال: فأبكت والله كل من كان، ويزيد ساكت، ثم قامت على قدميها، وأشرفت على المجلس، وشرعت في الخطبة، إظهارا لكمالات محمد (صلى الله عليه وآله) وإعلانا بأنا نصبر لرضاء الله، لا لخوف ولا دهشة، فقامت إليه زينب بنت علي وأمها فاطمة بنت رسول الله وقالت:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على جدي سيد المرسلين، صدق الله سبحانه كذلك يقول: ﴿ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون﴾ (1).
أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض، وضيقت علينا آفاق السماء فأصبحنا لك في إسار، نساق إليك سوقا في قطار، وأنت علينا ذو اقتدار أن بنا من الله هوانا وعليك منه كرامة وامتنانا، وأن ذلك لعظم خطرك وجلالة قدرك، فشمخت