مثير الأحزان - ابن نما الحلي - الصفحة ٩٢
من سكانها خالية بأحزانها قد غشيها القدر النازل وساورها الخطب الهايل وأطلت عليها عذبات المنايا وظلتها جحافل الرزايا وهي موحشة العرصات لفقد السادات للهام في معاهدها صياح وللرياح في محو آثارها الحاح ولسان حالها يندب ندب الفاقدة وتذرى دمعا من عين ساهدة، وقد جالت عواصف النعامى والدبور، في تلك المعالم والقصور، وقالت يا قوم أسعدوني بإسالة الغروب، على المقتول المسلوب، وعلى الأزكياء من عترته، والأطائب من امرته، فقد كنت آنس بهم في الخلوات، واسمع تهجدهم في الصلوات، فذوي غصني المثمر، واظلم ليلى المقمر، فما يحف جفني من التهيام، ولا يقل قلقي لذلك الغرام، وليتني حيث فاتتني المواساة عند النزال، وحرمت معالجة تلك الأهوال، كنت لأجسادهم الشريفة مواريا، وللجثث الطواهر من ثقل الجنادل واقيا، لقد درست باندراسهم سنن الاسلام، وجفت لفقدهم مناهل الانعام، وانمحت آثار التلاوة والدروس، وعطلت مشكلات الطروس، فوا أسفا على خيبة بعد انهدام أركانه، وواعجبا من ارتداد الدهر بعد ايمانه، وكيف لا اندب الطلال الدوارس، وأوقظ الأعين النواعس، وقد كان سكانها سماري، في ليلى ونهاري، وشموسي وأقماري، أبية على الأيام بجوارهم، واتمتع بوطئ اقدامهم وآثارهم، وأشرف على البشر يسيرهم وانشق ريا العبير من نشرهم، فكيف يقل حزنى وجزعي، ومخمد حرقي وهلعي،
(٩٢)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 » »»
الفهرست