مني السلام ثم إنه بكى وقال: يا جداه قتلوا والله رجالنا، يا جداه سلبوا والله نساءنا، يا جداه نهبوا والله رحالنا، يا جداه ذبحوا والله أطفالنا، يا جداه، يعز والله عليك أن ترى حالنا وما فعل الكفار بنا.
وإذا هم جلسوا يبكون حوله على ما أصابه، وفاطمة تقول: يا أباه يا رسول الله أما ترى ما فعلت أمتك بولدي؟ أتأذن لي أن آخذ من دم شيبه وأخضب به ناصيتي وألقي الله عز وجل وأنا مختضبة بدم ولدي الحسين؟ فقال لها: خذي ونأخذ يا فاطمة، فرأيتهم يأخذون من دم شيبه وتمسح به فاطمة ناصيتها، والنبي وعلي والحسن (عليهم السلام) يمسحون به نحورهم وصدورهم وأيديهم إلى المرافق وسمعت رسول الله يقول: فديتك يا حسين! يعز والله علي أن أراك مقطوع الرأس مرمل الجبينين دامي النحر مكبوبا على قفاك، قد كساك الذارىء من الرمول وأنت طريح مقتول، مقطوع الكفين يا بني من قطع يدك اليمنى وثنى باليسرى؟
فقال: يا جداه كان معي جمال من المدينة وكان يراني إذا وضعت سراويلي للوضوء فيتمنى أن يكون تكتي له، فما منعني أن أدفعها إليه إلا لعلمي أنه صاحب هذا الفعل، فلما قتلت خرج يطلبني بين القتلى، فوجدني جثة بلا رأس، فتفقد سراويلي فرأى التكة، وقد كنت عقدتها عقدا كثيرة، فضرب بيده إلى التكة فحل عقدة منها فمددت يدي اليمنى فقبضت على التكة، فطلب في المعركة فوجد قطعة سيف مكسور فقطع به يميني ثم حل عقدة أخرى، فقبضت على التكة بيدي اليسرى كي لا يحلها، فتنكشف عورتي، فحز يدي اليسرى، فلما أراد حل التكة حس بك فرمى نفسه بين القتلى.
فلما سمع النبي كلام الحسين بكى بكاء شديدا وأتى إلي بين القتلى إلى أن وقف نحوي، فقال: مالي ومالك يا جمال؟ تقطع يدين طال ما قبلهما جبرئيل وملائكة الله أجمعون، وتباركت بها أهل السماوات والأرضين؟ أما كفاك ما صنع به الملاعين