فسلمنا عليه، ثم جلسنا إليه، فرد علينا، ورحب بنا، وسألنا عما جئنا له، فقلنا:
جئنا لنسلم عليك، وندعو الله لك بالعافية، ونحدث بك عهدا، ونخبرك خبر الناس، وإنا نحدثك إنهم قد جمعوا على حربك فر رأيك.
فقال الحسين (عليه السلام): حسبي الله ونعم الوكيل! قال: فتذممنا وسلمنا عليه، ودعونا الله له، قال: فما يمنعكما من نصرتي؟
فقال مالك بن النضر: علي دين، ولي عيال، فقلت له: إن علي دينا، وإن لي لعيالا، ولكنك إن جعلتني في حل من الانصراف إذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان لك نافعا، وعنك دافعا! قال: قال: فأنت في حل؛ فأقمت معه، فلما كان الليل قال: هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملا، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فإن القوم إنما يطلبوني، ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري؛ فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله ابن جعفر: لم نفعل لنبقى بعدك، لا أرانا الله ذلك أبدا؛ بدأهم بهذا القول العباس بن علي. ثم إنهم تكلموا بهذا ونحوه.
فقال الحسين (عليه السلام): يا بني عقيل، حسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد أذنت لكم؛ قالوا: فما يقول الناس! يقولون: إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معهم بسهم، ولا نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا! لا والله لا نفعل، ولكن نفديك أنفسنا وأموالنا وأهلونا، ونقاتل معك حتى نرد موردك فقبح الله العيش بعدك (1).