إيجابية، ولأنه كان يعتبره حكما غير شرعي ولا منصوص عليه من قبل صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله).
ولهذا السبب سمعنا الإنكار عليه من أصحابه وغيرهم في قبول ولاية العهد الذي يعتبر اعترافا ضمنيا بشرعية الخلافة القائمة، وكان تبرير الإمام (عليه السلام) أنه مكره، وأن دخوله في هذا الأمر لن يغير من موقفه إزاء الحكم شيئا، وإنما دخل دخول خارج منه كما دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) في الشورى.
ولو أراد الإمام (عليه السلام) أن يشارك المأمون في إنفاذ مهام الدولة، والقيام في تحمل أعباء مسؤولية الحكم، لكان ذلك بمثابة اعتراف بشرعية تركيبة الحكم، وإقرار بالتصرفات الصادرة عن أجهزته، ولكنه آثر دور المشير من البعيد، ليحفظ المصلحة الإسلامية التي يجب عليه رعايتها في التوجيه والإرشاد، فبالقدر الذي كان المأمون ذكيا وبارعا في فرض ولاية العهد على الإمام (عليه السلام) لتحقيق مصالح وأهداف سياسية تعود بالنفع لسلطته وللخلافة العباسية، كان الإمام (عليه السلام) واعيا لموقفه، وبصيرا بالعواقب التي تترتب على مشاركته العملية في الحكم، لهذا ابتعد وبشدة عن مواطن المسؤولية.
ولم يكره المأمون الإمام (عليه السلام) على قبول الخلافة كما أكرهه على قبول ولاية العهد، لأنه لم يكن جديا في عرضه الخلافة، بل كان يهدف إلى انتزاع صبغة الشرعية من وجود الإمام المقدس، فبمجرد عرضه الخلافة على الإمام (عليه السلام) فإنه سيحرز انتصارا للخلافة العباسية سواء رفض الإمام أو لم يرفض - وذلك وفقا لاعتقاد المأمون - فإن قبل الإمام (عليه السلام) الخلافة، فسيكون المأمون وليا للعهد، وبذلك يضمن شرعية خلافته بعد مضي الإمام (عليه السلام) عند جميع الأطراف المتنازعة، وحينما يصبح وليا للعهد يسهل عليه في حينه القضاء على الإمام ليستلم من بعده