غير رضاه، وذلك بعد أن تهدده بالقتل، وألح عليه مرة بعد أخرى، في كلها يأبى عليه، حتى أشرف من يأسه على الهلاك.
وقال (عليه السلام): اللهم إنك قد نهيتني عن الإلقاء بيدي إلى التهلكة، وقد أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية عهده، وقد أكرهت واضطررت، كما اضطر يوسف ودانيال (عليهما السلام) إذ قبل كل واحد منهما الولاية لطاغية زمانه، اللهم لا عهد لي إلا عهدك، ولا ولاية لي إلا من قبلك، فوفقني لإقامة دينك، وإحياء سنة نبيك، فإنك أنت المولى والنصير، نعم المولى أنت، ونعم النصير.
ثم قبل ولاية العهد من المأمون وهو مكروب حزين، على أن لا يولي أحدا ولا يعزل أحدا، ولا يغير سنة ولا رسما، وأن يكون في الأمر مشيرا من بعيد، فأخذ له المأمون البيعة على الخاص والعام.
وكان إذا ظهر للمأمون من الرضا (عليه السلام) فضل وعلم وحسن تدبير، حسده على ذلك، وحقده عليه، حتى ضاق صدره منه، فغدر به، فقتله بالسم، ومضى إلى رضوان الله وكرامته (1).
2 - وعن ياسر الخادم، قال: لما ولي الرضا (عليه السلام) العهد، سمعته وقد رفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إنك تعلم أني مكره مضطر، فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك ونبيك يوسف حين دفع إلى ولاية مصر (2).