فبكى المأمون، ثم قال له: يا بن رسول الله، ومن الذي يقتلك، أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حي؟
فقال الرضا (عليه السلام): أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت.
فقال المأمون: يا بن رسول الله، إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك، ودفع هذا الأمر عنك ليقول الناس إنك زاهد في الدنيا.
فقال الرضا (عليه السلام): والله ما كذبت منذ خلقني ربي عز وجل، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لأعلم ما تريد.
فقال المأمون: وما أريد.
قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إن علي بن موسى (عليهما السلام) لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟
فغضب المأمون ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطوتي، فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك. فإن فعلت وإلا ضربت عنقك.
فقال الرضا (عليه السلام): قد نهاني الله تعالى أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أني لا أولي أحدا، ولا أعزل أحدا، ولا أنقض رسما، ولا سنة، وأكون في الأمر من بعيد مشيرا (1). فرضي منه بذلك، وجعله ولي عهده على كراهة منه (عليه السلام) لذلك.
2 - وروى الصدوق في (العيون) بسنده عن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر