قال له: فإني موليك العهد من بعدي، فقال له: أعفني من ذلك يا أمير المؤمنين، فقال له المأمون كلاما فيه كالتهدد له على الامتناع عليه، وقال له في كلامه: إن عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدك أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب، وشرط فيمن خالف منهم أن تضرب عنقه، ولا بد من قبولك ما أريده منك، فإنني لا أجد محيصا عنه، وفي رواية: وإنما جلبناك من المدينة ليس بأمرك، ولا رغبتك. فقال له الرضا (عليه السلام): فإني أجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد، على أنني لا آمر ولا أنهى، ولا أفتي ولا أقضي، ولا أولي ولا أعزل، ولا أغير شيئا مما هو قائم، فأجابه المأمون إلى ذلك كله.
وقال: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد، قال: حدثنا جدي، قال:
حدثني موسى بن سلمة، قال: كنت بخراسان مع محمد بن جعفر، فسمعت أن ذا الرئاستين خرج ذات يوم وهو يقول: وا عجباه، وقد رأيت عجبا، سلوني ما رأيت؟ فقالوا: وما رأيت أصلحك الله؟
قال: رأيت المأمون أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسى الرضا: قد رأيت أن أقلدك أمور المسلمين، وأفسخ ما في رقبتي، وأجعله في رقبتك. ورأيت علي بن موسى يقول: يا أمير المؤمنين، لا طاقة لي بذلك ولا قوة. فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها، إن أمير المؤمنين يتفصى (1) منها ويعرضها على علي بن موسى، وعلي بن موسى يرفضها ويأبى (2).