يسيرة وإذا بالرايات السود تخفق في خراسان، وهي تزحف إلى احتلال الأقاليم الاسلامية، وتطهرها من عملاء السلطة الأموية حتى أطاحت بالعرش الأموي، وقضت على معالم زهوه وجبروته.
وثار زيد على الحكم الأموي بوحي من عقيدته التي تمثل روح الاسلام وهديه، فقد رأى باطلا يحيى، وصادقا يكذب، وأثرة بغير تقى، ورأى جورا شاملا، واستبدادا في أمور المسلمين فلم يسعه السكوت.
ولما انتهى زيد إلى الكوفة بادر أهلها إليه فرحبوا به ترحيبا حارا، وأسرعوا إليه يبايعونه حتى بلغ عدد المبايعين خمسة عشر ألفا، وقيل أكثر من ذلك وبايعه الفقهاء والقضاة واعلام الفكر والأدب كالأعمش، وسعد ابن كدام، وقيس بن الربيع والحسن بن عمارة وغيرهم.
وسئل أبو حنيفة عن خروج زيد فقال: " ضاهى خروج رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر " وقال: " لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما خذلوا أباه لجاهدت معه لأنه أمام بحق، ولكن أعينه بمال " (1).
أما صيغة البيعة التي أخذها زيد على من بايعه فهي: " إنا ندعوكم إلى كتاب الله، وسنة نبيه، وجهاد الظالمين، والدفع عن المستضعفين، وإعطاء المحرومين، وقسم هذا الفيء بين أهله، ورد المظالم، ونصرة أهل الحق ".
وتعطي هذه الصيغة صورة عن المبادئ الأصيلة التي ثار من أجلها زيد.
وانطلقت جيوشه من جبانة سالم (2)، وهي تهتف بحياة زعيمها العظيم