﴿وفضل الله المجاهدين على القاعدين﴾ (1) وبهر الامام وراح يقول:
" عزيت عن هذا المولود وانه لمن الشهداء.. " (2).
ويوليه الإمام السجاد اهتمامه لما علم من عاقبة أمره، ويفيض عليه من علمه وخلقه وهيبته ما جعلت زيدا محط أنظار.
نشأ زيد في بيوت النبوة والإمامة، وتغذى بلباب الحكمة، فكان أبوه الامام زين العابدين الذي هو أفضل انسان في عصره يتعاهده بالآداب، ويرسم له طرق الهداية والخير، فتأثر بسلوكه، وانطبعت في دخائل نفسه نزعاته المشرقة، فكان البارز من صفاته - فيما يقول المؤرخون - الزهد والورع، والتحرج في الدين، فلم يتبع قيادة نفسه وإنما آثر رضى الله وطاعته على كل شئ.
وقد لازم منذ نعومة أظفاره أخاه الامام الباقر (عليه السلام) خليفة أبيه ووصيه، ووارث علمه، ومن الطبيعي إن لهذه الصحبة أثرا فعالا في سلوكه وتكوين شخصيته، فقد كان في هديه يضارع هدي آبائه الذين طهرهم الله من الرجس والزيغ وأبعدهم عن مآثم هذه الحياة.
وأخلص زيد في العبادة والإنابة لله، فكان أبرز المتقين في عصره، يقول عاصم بن عبيد العمري: " رأيته وهو شاب بالمدينة يذكر الله فيغشى عليه، حتى يقول القائل ما يرجع إلى الدنيا " (3). وكان يعرف عند أهل المدينة بحليف القرآن (4) وقد أثر السجود بوجهه (5) لكثرة صلاته [وتهجده] طول الليل (6) ولقد