وعشرين ومائة وعمره ست وستين سنة في خلافة مروان بن محمد الملقب بالحمار ولم يدرك الدولة العباسية، وكان معروفا بالتشيع لبني هاشم مشهورا بذلك قال أبو عبيدة: لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت لكفاهم.
وقال أبو عكرمة الضبي: لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان ولا للبيان لسان.
قيل كانت بنو أسد تقول فينا فضيلة: ليست في العالم، ليس منزل منا إلا وفيه بركة وراثة الكميت، لأنه رأى النبي (صلى الله عليه وآله) في النوم فقال له: أنشدني: طربت وما شوقا إلى البيض أطرب. فأنشده فقال له: بوركت وبورك قومك، وسئل أبو معاذ الهراء: من أشعر الناس؟ قال أمن الجاهليين أم من الإسلاميين قالوا بل من الجاهليين، قال: امرؤ القيس، وزهير، وعبيد بن الأبرص، قالوا فمن الإسلاميين؟
قال: الفرزدق، وجرير، والأخطل والراعي، فقيل له: ما رأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت؟ قال: ذاك أشعر الأولين والآخرين، ويقال ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها، ما جمع الكميت، فمن صحح الكميت نسبه صح ومن طعن فيه وهن.
كان في صغره ذكيا لوذعيا يقال: انه وقف وهو صبي على الفرزدق، وهو ينشد: فلما فرغ قال له: أيسرك إني أبوك؟ قال: اما أبي فلا أريد به بدلا، ولكن يسرني أن تكون أمي. فحصر الفرزدق، وأحرج، وقال: ما مر بي مثلها.
وقيل في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر: كان خطيب بني أسد، وفقيه الشيعة، وحافظ القرآن، وكاتبا حسن الخط، ونسابة، وكان جدليا، وهو أول من ناظر في التشيع، مجاهرا بذلك، وكان راميا لم يكن في بني أسد أرمى منه، وكان فارسا شجاعا، وكان سخيا دينا.
قال الجاحظ، ما فتح للشيعة الحجاج إلا الكميت بقوله:
فإن هي لم تصلح لحي سواهم * فإن ذوي القربى أحق وأوجب