بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله، وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته، ولا أنفق منه إذا حرف عن مواضعه، ولا في البلاد شيء أنكر من المعروف، ولا أعرف من المنكر! فقد نبذ الكتاب حملته، وتناساه حفظته:
فالكتاب يومئذ وأهله طريدان منفيان، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو!
فالكتاب وأهله في ذلك الزمان في الناس وليسا فيهم، ومعهم وليسا معهم!
لأن الضلالة لا توافق الهدى، وإن اجتمعا. فاجتمع القوم على الفرقة، وافترقوا على الجماعة، كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم، فلم يبق عندهم منه إلا اسمه، ولا يعرفون إلا خطه وزبره (1). ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة، وسموا صدقهم على الله فرية، وجعلوا في الحسنة عقوبة السيئة (2).
5857 - عنه (عليه السلام) - من خطبة له يصف فيها آخر الزمان -: أيها الناس! سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الإسلام كما يكفأ الإناء بما فيه (3).
5858 - عنه (عليه السلام): يأتي على الناس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلا رسمه، ومن الإسلام إلا اسمه. ومساجدهم يومئذ عامرة من البناء، خراب من الهدى، سكانها وعمارها شر أهل الأرض، منهم تخرج الفتنة، وإليهم تأوي الخطيئة، يردون من شذ عنها فيها، ويسوقون من تأخر عنها إليها. يقول الله سبحانه: فبي حلفت لأبعثن على أولئك فتنة تترك الحليم فيها حيران. وقد فعل، ونحن نستقيل