معاوية وأولاده ولعنه عليا (عليه السلام) وقتل أولاده من غير استحقاق، فلما أصبح أحضر الوزراء فقال: رأيت البارحة أن هلاك آل أبي سفيان بمخالفتهم العترة، وخاطر ببالي أن أرفع لعنهم. وقال وزراؤه: الرأي رأي الأمير.
فلما صعد المنبر يوم الجمعة قام إليه ذمي متمول، واستنكح منه بنته، قال عمر: إنك عندنا كافر، لا تحل بناتنا للكافر، فقال الذمي: فلم زوج نبيكم بنته فاطمة من الكافر علي بن أبي طالب؟ فصاح عليه عمر فقال: من يقول إن عليا كافر؟ فقال الذمي: إن لم يكن علي كافرا فلم تلعنونه؟ فتخجل عمر ونزل، وكتب إلى قاضي بلاد الإسلام: إن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رفع لعن علي (عليه السلام)؛ لأن ذلك كان بدعة وضلالة، وأمر - القواد - خمسمائة شجعان - حتى لبسوا السلاح تحت ثيابهم في جمعة أخرى وصعد المنبر، وكان عادتهم لعنه (عليه السلام) آخر الخطبة، فلما خرج من الخطبة قال: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتائ ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) مقام اللعن ونزل، فصاح القوم من جوانب المسجد: كفر أمير المؤمنين، وحملوا عليه ليقتلوه، فنادى القواد فصاح بهم حتى أظهروا الأسلحة وخلصوه من أيديهم والتجأ بإعانة القواد إلى قصره؛ فصارت قراءة هذه الآية سنة في آخر الخطبة؛ وتفرق الناس قائلين: غيرت السنة، أبدلت السنة (1).